عندما يتسلط الزوجماذا تفعلين ؟

ما أن تنطق الزوجة بكلمة بسيطة أو يقع حادث صغير بالبيت إلا وينتهز الزوج الفرصة، ويتحول لسانه إلى سيل جارف من الكلمات الجارحة، وشلالات من القدح والذم والتحقير لشخصها! بين لحظة وأخرى ينقلب حاله ويصبح إنساناً ثانياً شرساً معانداً فظاً، يصيح ويهدد مُعطياً نفسه الحق في توجيه مسار حياة زوجته وتصرفاتها؛ يبخس من آرائها ومشاعرها وإنجازاتها، تنهشه الغيرة منها فيظهر روح التملك، يلومها ويعاتبها على كل ماتقول وما تفعل.
أطباء النفس يطلقون على هذه النوعية من الرجال «محبو السيطرة والتسلط» كاشفين لنا علاماتهم، ولهذا كان لقاؤنا مع الدكتورة فاطمة الشناوي، أستاذة الطب النفسي واستشارية العلاقات الزوجية بمركز «شعلان الطبي».
أكد علماء الطب النفسي أن 68 % من طبيعة الأزواج الشرقيين يميلون إلى التسلط والسيطرة في تعاملاتهم مع الزوجة، وذلك يرجع -وبنسبة كبيرة- إلى أسلوب التربية وصورة الأب التي يعتبرونها النمط الذي ينبغي أن يسود، وأحياناً تكون طبيعة خاصة بالرجل، أو ربما فرضت وظيفته عليه هذه السلوكيات التسلطية -كالضباط أو المدراء بالعمل- كما يرى النفسانيون أن تمادي الزوج في تسلطه يتوقف على ردة الفعل الأولى للزوجة، فإذا لم تصدمه مقاومة تطفئ لهيب ثورته تكون الزوجة ودون وعي منها أطلقت العنان لزوجها ليستمر في تصرفاته الرعناء! وللأسف هذا هو حال 65 % من الزوجات العربيات، في مقابل 45 % -فقط- يرفضن هذا الأسلوب اللا إنسانى في التعامل، ولا يقبلنه بحال من الأحوال.
من هو؟
حملنا القضية الشكوى والأرقام وتوجهنا للدكتورة فاطمة الشناوي، التي لخصت بدورها صفات هذا الزوج من خلال بعض المواقف التي يتخذها أسلوباً له في تعاملاته، والتي تضمنتها دراستها: هو الرجل الذي يعطي نفسه الحق في اختيار نوع حياة زوجته وتصرفاتها، من يقلل من قيمة آرائها ومشاعرها وإنجازاتها، الزوج الذي يصيح ويهدد ويلوذ بالصمت الغاضب إن أثارت زوجته غضبه، من يتحول من اللين إلى الشدة دون مقدمات أو أسباب، لا يشعر بقدر الألم وليس لديه أدنى إحساس بالذنب أو الندم لما يسببه لزوجته من قلق واضطراب، هو من يميل إلى السيطرة والتحكم أكثر من حاجته إلى إعجاب الآخرين.
عذاب عاطفي
وعما يحدثه هذا التسلط وتلك السيطرة من تأثير على الزوجة تقول الدراسة: دائما ما تكون الزوجة في حالة اختلال نفسي وعدم توازن، تراجع نفسها بين ماتزعم أن تقوله أو تفعله تجنباً وخوفاً من إشعال غضب الزوج، تشعر بالخيبة والإحباط معظم الوقت، مع حزن وخوف من زوجها، تُصيبها حالات من التشويش والحيرة وكره للذات، كثيراً ما تتساءل: هل رضخت لغلبة وسيطرة زوجي؟ هل تورطت مع زوج كاره للنساء، محب للسيطرة؟! في الحقيقة هي تكابد عذاباً عاطفياً مريراً، وعلاقتها بزوجها أسوأ ماتكون.
إحساس بالذنب
وتتابع الدكتورة فاطمة الشناوي، استشارية العلاقات الزوجية، حال الزوجة فتقول: نجدها دائماً تعتقد أنها السبب فيما يحدث لها، وأن عليها تسوية كل انحراف مزاجي لدى زوجها، والبحث عن حل سحري أو معجزة لتحل مشاكلها، تصرفات الزوج المتسلطة وإحساسه بأنه مركز الكون لا تُبقي في حياة الزوجة شيئاً مستقلاً عنه؛ مما يولد بداخلها إحساساً يخبرها بأنها في حاجة دائمة إليه، لا تستطيع الحياة بدونه؛ فتتحمل التحقير والإذلال، وتكون على استعداد للتضحية أكثر وأكثر، تجهد نفسها ليهدأ حال زوجها ويصبح أقل شراسة، وتستتب الأمور بالبيت.
الخوف من…!
ومن مباشرة الدكتورة فاطمة لحالات من الزوجات الشاكيات من تسلط أزواجهن بعيادتها تقول محذرة: الخوف أن تقنع الزوجة نفسها بأن مايحدث من الزوج مجرد سحابة عابرة، زوبعة في فنجان، أو نزوة ولن تتكرر، لدرجة أن تشعر بالذنب لحدوثها وبأنها هي المخطئة! البعض منهن يكرهن ذواتهن، ويصيبهن الإحباط لعدم التمكن من السيطرة على الموقف، وكأنها واقعة في شرك، وهى في كل هذا لا تعلم أن رضوخها ومقاومتها الضعيفة أمام مايفعله الزوج تعطيه جواز مرور -كارت أبيض- ليتمادى في تسلطه وسيطرته.
الزوج الشرقي
فى تحليل نفسي لهذه الشخصية المتسلطة تضيف الدكتورة فاطمة: هذا الرجل بداخله خوف من المجتمع، يستمد أمانه والإحساس بالسيادة من فرض سيطرته على أهل بيته وزوجته تحديداً؛ فيلجأ إلى تضييق أفق حياتها، وتقليص علاقاتها، وتوجيه أفكارها وآرائها ومشاعرها وتصرفاتها، يحول صلاتها المحببة بالأهل والصديقات إلى عمل كريه؛ ليصبغ أفكارها وحياتها بلون غامق كئيب، فيذوب تقديرها الذاتي لنفسها، ولا تجد أمامها سوى زوجها ملاذاً! الزوج المتسلط هو الشرقي الذي يقع أسير الصراع المحتدم بين حاجته إلى حب زوجته وخوفه منها؛ نعم فهو كرجل شرقي لديه إحساس بأن حبه للمرأة -زوجته- يعطيها القدرة على إلحاق الضرر به، حرمانه، محاصرته، إهماله، هجره؛ لهذا يضاعف من ضغطه وسيطرته ليسلبها البقية الباقية من عزمها وثقتها بنفسها؛ لتصبح ضعيفة، معتمدة عليه وحده، لدرجة لا تستطيع مغادرته أو الاستقلال بنفسها عنه.
ماذا تفعلين ؟

(9) نصائح لمعيشة أفضل
وضعتها الدكتورة فاطمة الشناوي، استشارية العلاقات الزوجية، لكل زوجة ترغب في حياة أفضل، وهي:
1 اعتني بزوجك فهو يحتاج إلى الشعور بأنه شخص محبوب، أمين، سالم، فالحب والاهتمام يهذبان المشاعر والسلوك، ويقللان من القسوة والعنف.
2 احذري: زوجك يميل إلى غزل الصديقات في حضورك ليؤلمك ويعاقبك، وحتى ترفضي الخروج معه مرة أخرى.
3 هو في الغالب لا يملك حق التسلط وممارسة السيطرة على أحد خارج نطاق بيته؛ لذا حاولي التخفيف عنه، وإعطاءه المقام المناسب له كزوج ورب أسرة وسط بيته.
4 حاولي الالتزام بالهدوء والصبر والحكمة في بداية ثورته لتمتصي غضبه، وتأكدي أن تصرفه لا شأن له بك.
5 غيري من مواقفك وردود أفعالك إزاء تصرفات زوجك، فالعلاقة ستتغير مع تغيرك.
6 تسلحي بإيمانك وقوة ثقتك بنفسك، وصممي على ماتفعلين -إن كنت محقة- ولا تعطي لزوجك الفرصة كاملة ليقلل من شأنك ويُحبط من مشاريعك.
7 لا تتقبلي ما يوجه إليك من انتقاد أو تشويه أو إذلال على أنه حقيقة تعبر عن حالك وأوضاعك، فتلومين نفسك.
8 لسلامة صحتك الذهنية قومي بتخصيص وقت في كل يوم لأشياء تعملينها فتشعرين بالرضا تجميلاً كان أو رياضة أو تسوقاً.
9 اعرفي أن لك الحق في طلب الدعم العاطفي من زوجك، الاحتجاج على معاملته الظالمة ونقده اللاذع، ولك الحق أيضاً في عدم تحمل مسؤولية مشاكل الغير وتصرفاتهم السيئة.


9 kwhzp jshu]; uk]lh djsg' hg.,[