فتاوى في الصيام
   أعدها وجمعها: محمد صالح المنجد  الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعيـن، وبعد: فـهذه طائفة من أحكام الصيام، مجموعة من كلام أهل العلم،من المتقدمين والـمـتـأخـريـن، بطريقـة السؤال والجواب.   س : ما هو فضل الصيام؟ ج   : في ذلك آيات وأحاديث كثيرة ، منها قوله تعالى:((إنَّمَا يُوَفَّى   الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)) قال أهل التفسير: هم الصائمون. وقال   -صلى الله عليه وسلم- : »إن في الجنة باباً يقال له الريان : يدخل منه   الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون؟ ،   فيقومون فيدخلون مـنـــه، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد« (وفي رواية:   من دخل شرب ، ومن شرب لم يـظـمـــأ أبداً) [صحيح الجامع الصغير ، رقم 2121 ،   وانظر صحيح الترغيب 1/410]. وفي   الصحيحين ، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:» قال الله عز وجل ، كل   عـمـــل ابن آدم لـه (وفي مسلم : يضاعف الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة   ضعف) إلا الصوم ، فإنه لي وأنـا أجزي به ، والصيام جنة« (وفي رواية صحيحة:   يستجن به العبد من النار). وفـي   حديث يحيى بن زكريا: »وأمركم بالصيام ، ومثل ذلك كمثل رجل معه صرة مسك في   عصابة ، كلهم يجد ريح المسك ، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح   المسك« [صحيح الجامع الصغير رقم (1720)].  س : ما حكم من صام رمضان استشفاء من مرض أو تخفيفاً للوزن؟ ج : إن اقـتـصـرت نـيـته على هذا فليس له في الآخرة من نصيب ، 
:   ((مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ   لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً   مَّدْحُوراً ، ومَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وهُوَ   مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً))[الإسراء/18-19]. ويجب   أن تكون نية المؤمن مطابقة لحديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:»من صام   رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه« [صحيح الترغيب 1/415]   وينبغي على الدعاة أن يبينوا للناس معنى كلمة (احتساباً) ويدعوا ذكر   الفوائد الدنيوية للمؤلفة قلوبهم.  س : كيف يحكم بدخول شهر رمضان؟ ج : بأحد أمرين : - الأول : رؤية هلاله ، لقوله تعالى:((فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)) فإذا أعلن ثبوته مصدر موثوق وجب العمل بذلك. - الثاني : إكمال شعبان ثلاثين يوماً،ولا مانع من توالي شهرين أو أكثر في السنة الهجرية كل منها 29 يوماً أو 30 يوماً.  س   : إذا أسلم الكافر،أو بلغ الصبي،أو شفي المريض، أو أقام المسافر،أو طهرت   الحائض، أثناء النهار في رمضان فماذا يجب عليهم من جهة الإمساك والقضاء؟ ج   : إذا أسلم الكافر ، أو بلغ الصغير، أثناء النهار لزمهما إمساك بقية  اليوم  وليس عليهما قضاؤه، ولا قـضـاء الأيـام الـتـي قـبـلـه من الشهر،  لأنـهما  لم يكونا من أهل الوجوب عند الإمساك. -   وإذا شفي المريض ، أو أقام المسافر ، أو طهرت الحائض ، فالأحوط الإمساك   بقية اليوم (للخلاف في المسألة) وعليهم قضاء هذا اليوم ، وما فاتهم قبله.   والفرق بين القسمين: أن القسم الأول تحقق لديهم الشرط أما القسم الثاني فقد   زال عنهم المانع.  س : متى يؤمر الصبي بالصيام؟ ج : قال الخرقي : وإذا كان الغلام عشر سنين ، وأطاق  الصيام  أخذ به. قال   ابن قدامة: واعتباره بالعشر أولى ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر   بالضرب على الصلاة عندها ، واعتبار الصوم بالصلاة أحسن لقرب إحداهما من   الأخرى ، واجتماعهما في أنهما عبادتان بدنيتان من أركان الإسلام ، إلا أن   الصوم أشق فاعتبرت له الطاقة ، لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيقه.[المغني مع   الشرح 3/90] . فما بالك أيها الأخ المسلم بمن يمنع أولاده من  الصيام  رحمة بهم بزعمه!!  س : رجل بلغ من الكبر عتياً ، وأصبح لا يعرف أولاده ، ولا الجهات الأصلية ، فماذا عليه في الصوم؟. ج   : إذا كان الواقع ما ذكر ، فليس عليه صلاة ولا صيام ولا إطعام. وإذا كان   يعود إليه عقله أحياناً ، ويذهب أحياناً ، فإذا عاد إليه صام ، وإذا ذهب   عنه سقط عنه الصيام.  س : ما حكم  الصيام  للمريض؟ ج  : إذا ثبت بالطب أن الصوم يسبب هلاك المريض فلا يجوز له  الصيام  ، أما إن  ثبت أن الصوم يجلب المرض له أو يضر بالمريض بزيادة مرضه أو تأخير شفائه أو  يؤلمه أو يشق عليه  الصيام  ، فالمتسحب له أن يفطر ثم يقضي.  س : شخص مصاب بقرحة في معدته ، ونهاه الطبيب عن  الصيام  مدة خمس سنوات. فما الحكم؟ ج   : إذا كان الطبيب الذي نهاه عن الصوم ثقة مأموناً خبيراً في طبه ، فيتعين   السمع والطاعة لنصحه ، وذلك بإفطاره في رمضان حتى يجد القدرة والاستطاعة   على الصوم ، لقوله تعالى:((فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى  سَفَرٍ  فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) فإذا شفي من مرضه ، تعين عليه  صوم أشهر  رمضان التي أفطرها.  س : ما حكم العاجز عن  الصيام  عجزاً كلياً لمرض لا يرجى شفاؤه أو لكبر سنه؟  ج   : عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ، نصف صاع من قوت البلد ، (مثال :   قرابة1.5 كغ من الأرز) يدفعها في أول الشهر كما فعل أنس رضي الله عنه ،   ويجوز أثناءه أو في آخره.  س : رجل مريض أخبره الأطباء أن شفاءه ممكن ، فهل يجزئه الإطعام؟  ج : لا يجزئه الإطعام ، ويجب عليه الانتظار حتى يشفى ثم يقضى.  س : رجل مريض ينتظر الشفاء ليصوم ، فمات ، فماذا عليه؟. ج : ليس عليه شيء لأن  الصيام  حق لله تبارك وتعالى ، وجب بالشرع ومات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج.  س: شخص صام جزءاً من رمضان ثم عجز عن إكمال الباقي ، فماذا يعمل؟  ج : إن كان عجزه لأمر طارئ يزول ، انتظر حتى يزول ثم يقضى ، وإن كان عجزه لأمر دائم ، فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً كما تقدم.  س : ما حكم الصوم للمسافر؟ ج : إذا شق عليه الصوم في السفر فالأفضل أن يأخذ بالرخصة فيفطر. وإن لم يشق عليه صام والفطر جائز.  س : متى يفطر الصائم؟ ج : في ذلك حديثان : - الأول : حديث أنس رضي الله عنه أنه أفطر على دابته قبل أن يخرج وقد تهيأ للرحيل. -   الثاني : حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين ، قال : خرج رسول   الله-صلى الله عليه وسلم-حتى بلغ عسفان ، ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليراه   الناس ثم أفطر. فالأحوط أن لا يفطر المسافر إلا إذا خرج من بلدته وفارق   البيوت.  س : رجل قرر في إحدى الليالي من رمضان أن يسافر غداً في النهار ، فهل يجوز له أن يبيت نية الإفطار؟ ج : لا يجوز له ذلك ، بل ينوي  الصيام  ، لأنه لا يدري ما يعرض له ، فقد لا يستطيع السفر ، فإذا سافر أفطر إن شاء كما تقدم.  س : رجل أراد مواقعة أهله في رمضان ، فسافر من أجل ذلك؟ ج : فعله حرام ، لأنه قصد التحايل ، وهو آثم ولا يجوز له الفطر ((يُخَادِعُونَ اللَّهَ وهُوَ خَادِعُهُمْ)).  س : هل يجوز الإفطار في المطار؟ ج   : إن كان المطار داخل البلد أو في حدودها فإنه ينتظر حتى تقلع الطائرة   وتبتعد ، ثم يفطر ، وإن كان المطار خارج البلد ، جاز له الفطر في المطار.  س : غربت الشمس في المطار فأفطرنا بعد  الصيام  ، فلما أقلعت الطائرة وارتفعت رأينا الشمس مرة أخرى ، فما حكم الصيام؟ ج  :  الصيام   صحيح ، لأنه عليه الصلاة والسلام قال :»إذا أقبل الليل من  هاهنا ، وأدبر  النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم« [ متفق عليه  ].  س : من صام في بلد ، ثم سافر إلى بلد آخر ، صام أهله قبله أو بعده ، فماذا يفعل؟ ج   : يفطر بإفطار أهل البلد الذين ذهب إليهم ، ولو زاد على ثلاثين يوماً   (بالنسبة له) لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- :»الصوم يوم تصومون ، والفطر   يوم تفطرون« [رواه الترمذي وهو حديث صحيح ]. لكن إن لم يكمل تسعة وعشرين   فعليه إكمال ذلك الشهر (بعد يوم العيد) ، لأن الشهر لا ينقص عن تسعة  وعشرين  يوماً.  س : صامت امرأة ، وقبل الغروب بلحظات خرج منها الدم ، فما حكم صيامها؟ ج   : إن خرج فعلاً ، فقد بطل الصوم وهي مأجورة ، وتقضي بدلاً منه ، أما إن   أحسَّت به داخل الجسم ولم يخرج ، أو خرج بعد الغروب ، فصيامها صحيح.  س : امرأة طهرت قبل الفجر في رمضان ، ولم تغتسل إلا بعد الفجر ، وكذلك رجل أصبح جنباً ولم يغتسل إلا بعد الفجر ، فما حكم صيامهما؟ ج   : صيام المرأة المذكورة صحيح ، وكذلك صيام الجنب ، لحديث عائشة رضي الله   عنها المتفق عليه : »كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدركه الفجر وهو جنب   من أهله ، ثم يغتسل ويصوم «. وكذلك النفساء مثل الحائض في الحكم إذا طهرت   قبل الفجر. ولكن يجب التعجيل بالاغتسال لإدراك صلاة الفجر.  س : هل يجوز للمرأة استعمال حبوب لمنع الحيض في رمضان؟ ج   : يجوز أن تستعمل المرأة أدوية لمنع الحيض في رمضان إذا قرر أهل الخبرة   الأمناء من الأطباء ومن في حكمهم أن ذلك لا يضرها. وخير لها أن تكف عن ذلك ،   وقد جعل الله لها رخصة في الفطر ، إذا جاءها الحيض في رمضان وشرع لها  قضاء  الأيام التي أفطرتها ورضي لها بذلك ديناً.  س : شخص لم يدر أن رمضان قد دخل ، إلا في صباح اليوم التالي ، فماذا يعمل؟  ج   : يمسك ذلك اليوم ، ويقضي يوماً بدلاً منه ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-   :» لا صيام لمن لم يفرضه من الليل« [صحيح الجامع الصغير رقم (7516) ].  س : ما هي المفطرات؟ ج   : ذكر شيخ الإسلام رحمه الله : أن من المفطرات ما يكون من نوع الاستفراغ   :كالجماع والاستقاءة ، والحيض والاحتجام. ومنها ما يكون من نوع الامتلاء:   كالأكل والشرب (وما في معناها كالحقن المغذية) ومن الخارجات نوع لا يقدر   على الاحتراز منه : كالأخبثين ، وإذا خدعه القيء والاحتلام في النوم ،   وخروج الدم من الجروح ، والاستحاضة ، بخلاف ما إذا استقاء عمداً أو استمنى   عمداً. [ الفتاوى25 /265]. والمفطرات (ما عدا الحيض والنفاس) لا تفسد الصوم إلا إذا فعلها الشخص مختاراً غير مكره ، ذاكراً غير ناسٍ ، عالماً غير جاهل.  س : ما حكم قطرة العين والأذن؟ ج   : لا تفطر كما ذكر أهل العلم ، وكذلك : الطيب والكحل ، وأخذ الدم للتحليل  ،  والرعاف ، والحقنة الشرجية ، والإبر غير المغدية ، والغبار ، وذوق  الطبّاخ  للطعام دون دخوله إلى جوفه ، ومن تمضمض فدخل الماء رغماً عنه إلى  جوفه ،  ودواء الربو الذي يؤخذ بطريق الاستنشاق ، وبلع الريق. وكذلك السواك  فهو  جائز في جميع أجزاء النهار.  س : ما حكم التقبيل في نهار رمضان؟ ج   : إذا عرف الشخص من نفسه أنه إذا قبّل لا يخرج منه شيء ، جاز له التقبيل ،   كما ورد في الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل وهو صائم ، أما   إذا كان يعلم من عادته أنه سينزل ، أو لا يضمن نفسه ، فلا يقبل ، لأنه إذا   أنزل عند التقبيل أو اللمس فقد فسد صيامه.  س : ما حكم بقايا الطعام في الفم ، وفتات السواك ، واستخدام معجون الأسنان؟  ج   : إذا طلع الفجر عليه فعليه إخراج بقايا الطعام من فيه ولايجوز بلعها.   وكذلك لا يجوز بلع فتات السواك ، وإذا وصلت إلى حلقه رغماً عنه ، فليس عليه   شيء. وكذلك الدم الخارج من اللثة لا يفطره إذا بلغ جوفه دون قصد. أما   بالنسبة لمعجون الأسنان فإنه لا يخلو من حالين : أحدهما   : أن يكون قوياً ، ينفذ إلى المعدة ولا يتمكن الإنسان من ضبطه ، فهذا   محظور عليه ، ولا يجوز له استعماله ، وعلى الأقل فهو يكره. أما إذا كان يمكنه أن يتحرز منه ، فإنه لا حرج عليه في استعماله. . س : ما حكم الأكل والشرب أثناء الأذان؟ ج   : إن سمع الأذان وعلم أنه يؤذن على الفجر ، وجب عليه الإمساك ، وإن كان   يؤذن قبل طلوع الفجر ، لم يجب عليه الإمساك حتى يتبين له الفجر ، وإن كان   لا يعلم حال المؤذن هل أذن قبل الفجر أو بعده ، فالأولى والأحوط أن يمسك   إذا سمع الأذان ، ولا يضره لو شرب أو أكل شيئاً حين الأذان لأنه لم يعلم   بطلوع الفجر ، لكن عليه أن يحتاط بالتقويمات التي تحدد الوقت بالساعة   والدقيقة.  س : ماذا يفعل من غربت الشمس وهو يقود سيارته ، وليس عنده ما يفطر به؟ ج : ينوي الفطر بقلبه ، ولا يفعل كبعض الجهال : يمص أصبعه أو يبلع ريقه.  س : لم يخبر أمه بطلوع الشمس شفقة عليها حتى يتسنى لها الشرب ، فما الحكم؟ ج : الأحوط أن تعيد  الصيام  ، ويستغفر هو ويتوب . س : إذا رأى شخص صائماً يأكل ناسياً ، فهل يجب عليه أن يذكره؟ ج   : نعم يجب عليه ذلك لعموم قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :   »إذا نسيت فذكروني« ولأنه بالنسبة للمشاهد يعتبر منكراً يجب تغييره ، ولأنه   من باب التعاون على البر والتقوى.  س : ما حكم التهنئة بدخول شهر رمضان؟ ج : لا حرج في ذلك. نسأل الله أن يعيننا وإخواننا المسلمين على صيامه وقيامه كما يحب ويرضى ، والله تعالى أعلم.  المصادر : -المغني مع الشرح الكبير - الجزء الثالث. -مجموع الفتاوى لابن تيمية - الجزء الخامس والعشرون. مجالس شهر رمضان -للشيخ محمد بن صالح العثيمين.  مجلة البحوث الإسلامية - العدد الرابع عشر. -فتاوى مجلة الدعوة. -فتاوى نور على الدرب - للشيخ عبد العزيز بن باز. -  فتاوى  نور على الدرب - للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.