الملاحظات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مفهوم السعادة من منظورالصفاء الروحي

ان موضوع البحث عن السعادة ومعرفة اين تكمن وماهي الوسائل والطرق المؤدية الى تحقيقها، هو موضوع قديم ومتوارث منذ ان خلق الله تعالى سيدنا ادم وزوجه عليهما السلام اللذين سعيا

  1. #1 مفهوم السعادة من منظورالصفاء الروحي 
    المشاركات
    364
    مفهوم, منظورالصفاء, الروحي, السعادة

    ان موضوع البحث عن السعادة ومعرفة اين تكمن وماهي الوسائل والطرق المؤدية الى تحقيقها، هو موضوع قديم ومتوارث منذ ان خلق الله تعالى سيدنا ادم وزوجه عليهما السلام اللذين سعيا الى تحقيق السعادة بالخلود الدائم في الجنة حيث النعيم المقيم، إلا ان الشيطان استطاع إغواءهما بتحقيق الخلود في النعيم ان هما اكلا من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عن الاقتراب والأكل منه

    «ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين»(20 سورة الاعراف) «هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى» (اية 120 سورة طه)، فصدقاه وعصيا ربهما فأُخرجا من الجنة الى الارض حيث المكابدة الدائمة والكدح المستمر، واصبحت السعادة الخالدة في الدنيا مجرد حلم يراود كل انسان ويتمنى تحقيقه، فتعددت الرؤى حول مفهوم السعادة وأين تكمن وبماذا تتحقق.
    ومن الناس من يراها في اللذة الجسدية والمتع المادية وأنها تتحقق بالمال أو بالجاه أو بالسلطان، بينما يراها آخرون أسمى من كل احساس مادي وانها شعور روحاني بالرضا والطمانينة والسكينة يتحقق بالإيمان بالحقيقة الكبرى المتمثلة باليقين بالله سبحانه وتعالى الذي اودع في الانسان من الطاقات المادية والمعنوية ما يمكنه من الوصول الى معرفة السعادة الحقيقية في الدنيا ثم السعادة الخالدة في الاخرة من خلال تقبل قدر الابتلاء والمجاهدة والعمل على تغليب الخصائص البشرية الخيرة على الخصائص البشرية السيئة.
    ويمكن القول انه ليس هناك سعادة دائمة ولا شقاء دائم نظراً لتنوع وتناقض مفاهيم السعادة ومن ثم استمرارية الصراع بين ما نحب ونستريح اليه وبين ما نكره ونضيق منه: «ان سعيكم لشتى»(4 سورة الليل). «لقد خلقنا الانسان في كبد»(4 البلد).
    ومن رحمة الله وعدله ان بيّن للانسان الطرق والوسائل التي تجعله اقرب الى فهم السعادة الحقيقية في الدنيا وصولا الى السعادة الخالدة في الاخرة وذلك بالتوجه الصادق الى الله تعالى اعتقاداً وعملاً: «والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا» (69 سورة العنكبوت).
    ويؤكد هذا حقائق كثيرة وثابتة منها ان الفعل الحسن نجد اثره الجميل في نفوسنا ويدفعنا الى المزيد من فعل الحسنات ومن ثم يكون الشعور بالسعاد، بينما الفعل السيئ نجد اثره القبيح في نفوسنا والاستمرار في فعل السيئات يؤدي الى الشعور بالشقاء: «فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى» (5-10 الليل).
    ان من اهم ما ينبغي على الانسان ادراكه ان حب الذات المفرط الذي يجعل الانا فوق الكل يؤدي الى الشقاء والبعد عن السعادة وكذلك الذوبان في المجموع الى حد افتقاد الشخصية الذاتي، لذا يجب عليه ادراك انه جزء من كل وان سعادته مرتبطة بسعادة الآخرين، فكما يرى ان له حقوقاً على الغير فإن عليه واجبات تجاه ذلك الغير وتحقيق الانسجام والتوافق في ذلك يعد من وسائل الاقتراب من السعادة: «خير الناس انفعهم للناس وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة» والانسان الذي يستطيع بجهوده الذاتية ان يتقي شر مايدنس نفسه ويدنيها عقلياً وأخلاقياً وذلك بما يبذل من الجهود الصادقة والمخلصة في سبيل مقاومة ما يجب مقاومته من اسباب الشر والفساد التي تضره وتضر الاخرين من أبناء مجتمعه في دينهم ودنياهم وعاقبة امرهم، ويستطيع ايضاً ان يعمل ويعطي لخير ما يجمل ويكمل نفسه عقلياً وروحياً وذلك بما يبذل من الجهود الصادقة والمخلصة لله ولخير الناس في سبيل توفير وسائل الخير والصلاح التي تنفعه وتنفع الاخرين من أبناء مجتمعه في دينهم ودنياهم وعاقبة امرهم، هذا الانسان يمكن القول عنه انه وصل الى المعنى الحقيقي للسعادة الذي يتجاوز المعاناة المادية والمعنوية الذاتية والموضوعية فيرتبط روحياً بحقيقة الخلود وعظمة خالق الوجود الذي يرعاه بفضل منه ورحمة: «ان رحمة الله قريب من المحسنين» (58سورة يونس) «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون» (58 سورة يونس).
    اما الانسان الذي لا يستطيع ان يجعل من ذلك السلوك وتلك الغاية منهجاً يحتذى به ويحبذ التمسك بنعم الدنيا الفانية فقد جهل اسباب رحمة الله التي يدخرها لعباده المجاهدين الصابرين وفاته الادراك والاحساس بمعاني هذه الرحمة التي بها ومنها يأتي الشعور بالسعادة الحقيقية: «لا خير لله في من ليس لله في ماله ونفسه نصيب» حديث شريف.
    ان من الحقائق المؤكدة حدوث حالات تتوافر فيها عوامل مادية ومعنوية نعتقد انها تحقق السعادة ولكننا لا نلمسها او نشعر بها، بينما تأتي حالات نحس فيها بالسعادة بالرغم من عدم توفر عوامل نؤمن بضرورتها لتحقيق السعادة، وهذا يعني ان الانسان لا يزال يجهل الكثير من مقومات السعادة وبالتالي فإن شقاءه هو بسبب منه لانه لم يوجه قدراته التوجيه الصحيح ولم يعرف ماذا يريد الله منه من حسن الاستخلاف في الدنيا وما يريد له من حسن الجزاء في الدنيا وفي الاخرة، لذا فإن على الانسان ان يستنير بهدى الله الذي جاء به الانبياء والمرسلون، وان يستفيد من التجارب الخاصة والعامة وان يعمل على خاصية استحسان الحسن والاقبال عليه واستقباح القبيح والنفور منه، والتوجه عكس ذلك يعني الخسران المبين: «والعصر، ان الانسان لفي خسر، إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر» «العصر»، كما ان على الانسان ان لا يتأثر بالمظاهر الخارجية التي توحي بان صاحبها سعيد فقد يتبين له ان ذلك الشخص بعيد كل البعد عن السعادة كما قال الشاعر:
    فإن السعادة غير الظهور
    وغير الثراء وغير الترف
    ولكنها في نواحي الضمير
    إذا هو باللؤم لم يكتنف
    وفيما يقدمه المصلحون
    من الصالحات لخير الخلف
    فيا رب كن ناصري على شر نفسي
    وكن راحمي يوم فتح الملف
    ان الشعور بالسعادة نعمة يمن بها الله تعالى على جميع العباد وبدون استثناء وفي كل الازمان منذ خلق الانسان الى ما شاء الله فهي من مقومات استمرارية الحياة، والسعي من اجل تجدد هذه السعادة ينشط القدرات الانسانية الجسمية والعقلية والروحية، والشعور بالسعادة درجات متفاوتة ومختلفة من حيث ديمومتها ونوعيتها وذلك مرتبط بمدى توجه الانسان ايماناً وعملاً نحو الحق والخير والجمال والنافع وبمدى نفوره من الباطل والشر والقبح والمضار، وقد جعل الله التناوب بين السعادة والشقاء كي يجتهد الانسان نحو معرفة السعادة الحقيقية في الدنيا فيؤمن بتحقق السعادة الخالدة في الاخرة: «ونبلوكم بالشر والخير فتنة» (اية 35 الانبياء) «ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها. قد افلح من زكاها. وقد خاب من دساها» (اية 7-10 الشمس).
    فسعادة الانسان هي في ان يتقي الله فيما وهبه من نعمة الطاقة الجسمية التي يتحرك بها جسمياً ونعمة الطاقة العقلية التي يتحرك بها فكرياً وذهنياً وفي نعمة ما خلق الله لهاتين الطاقتين من متاع الدنيا وزينتها وما اكثرها: «وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها» (اية سورة النحل).
    ومعنى هذه التقوى هو اننا نترفع بهذه النعم عن الدنيا ونصونها من العبث والاسراف في جميع مجالات الحياة المادية والمعنوية وفي ان نستخدمها فيما نعتقد انه يرضي واهبها الحق تعالى وفيما يتفق مع عدالة الله التي يحكم بها الكون والكائنات وفيما ينفع الصالح العام الذي ينعم ويسعد بخيره الفرد والمجتمع سعادة مادية وروحية، ومن لم يستطع ان يجعل ما يفنى من نعم الدنيا ومواهبها المادية والمعنوية وسيلة لتقديم ما يجب تقديمه من اجل ما يبقى فقد خسر سعادة الدنيا وسعادة الاخرة «نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. وان عذابي، هو العذاب الأليم» (اية 49-50 سورة الحجر).
    ان موضوع السعادة ينبغي ان يهتم به كل انسان فكرياً وعملياً سعياً للوصول الى الحقيقة التي يستقر عليها عقله وقلبه فينظم سير حياته ويعيش راضياً صابراً يملؤه الامل بالفوز بسعادة الدنيا وسعادة الاخرة، ومن اهم الطرق والوسائل المؤدية الى ذلك يمكن ايجازها على النحو التالي:
    1) المجاهدة الروحية والعقلية والنفسية والعملية لتحقيق النجاح في مراقبة الله تعالى الآخذ بنواصينا والحاكم على ضمائرنا، وفي تحسين علاقتنا بعدالة الله التي لا تدع لنا ذنباً إلا ولفحتنا بنار لومها ووعيدها وذلك هو العذاب الاليم والمهين الذي لا ينفع معه مال ولا بنون، والتي لا تدع لنا حسنة الا وعانقتنا برحيق جنتها ورضاها وذلك هو الفوز العظيم: «ويحذركم الله نفسه والى الله المصير» «ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد» (اية 28-29 آل عمران).
    2) بذل الجهود الذاتية المخلصة والصادقة للتخفيف والتخلص من الذنوب التي هي مصدر الشقاء والعمى والسعي نحو المزيد من الحسنات التي هي مصدر السعادة: «قد افلح من زكاها، وقد خاب من دساها» (اية 9-10 الشمس).
    3) ادراك حقيقة ما يبقى من دنيانا في عالم الخلود وما يفنى منها في عالم التراب وان هذه الحقيقة لا تستقر في القلب ولا تتجدد في النفس ولا تنمو في عالم الخلود الا بالعمل الدؤوب لتحقيق النجاح وفي الوفاء بأمانة الواجبات الدينية والدنيوية والتي يتم على ضوء الوفاء بها ايجاد المجتمع الصالح الذي يعرف حقوقه وواجباته ويعرف كيف يتقي شر ما يضر ويضل الجميع وذلك خوفاً من نقمة عدالة الله التي يصطلي بنارها الفرد والمجتمع ويعرف كيف يعمل ويعطي لخير ما ينفع ويهدي الجميع حباً في رحمة الله التي ينعم ويسعد بها الفرد والمجتمع: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» (اية110آل عمران).
    4) ادرك ان سعادتنا هي في ان نعيش بالامل الذي يغذي به الله قلوبنا العطشى الى حمته، وفي ان نحيا بالعمل الجاد والمتواصل الذي يحقق به الله هذا العمل ويجعلنا نعيش مع رحمته الواسعة ومع رضوانه الاكبر: ([color=#FF0000]قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله)[/color] اية 53 الزمر.
    5) التحرر من التقليد الاعمى وأن يُعمل الانسان عقله في البحث عن اسباب الخير والصلاح وعن اسباب الشر والفساد وفي جميع مجالات الحياة المادية والمعنوية: «ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا» (اية 36 الاسراء).
    6) التحرر من التعصب الاعمى والمحاسبة على عدالة الله التي لا تدع لنا صغيرة ولا كبيرة إلا احصتها ونبأتنا بها وحاسبتنا عليها فأما حسن الثواب واما سوء العقاب في الدنيا وفي الاخرة: «ووفيت كل نفس ما عملت وهو اعلم بما يفعلون» (اية 70 الزمر).
    7) الحرص الشديد على اجتناب وسوسة الشيطان الذي يسعى جاهداً لاغواء الانسان الذي يدفعه الى المعاصي موهماً اياه انها تحقق له السعادة: «وما يعدهم الشيطان إلا غرورا» (اية 64 الاسراء).
    ان كل ما سبق هو ما أمكن الحديث فيه عن السعادة سائلاً المولى عز وجل ان يحقق الفائدة وان يتجاوز عن كل خطأ وان يجعل ذلك خالصاً لوجه الكريم وابتغاء لمرضاته سبحانه وتعالى ولي الهداية والتوفيق.
    وما اجل هذا الدعاء الماثور الذي جاء على لسان رسول الرحمة الداعي الى الحق والى طريق مستقيم محمد بن عبدالله صلوات الله عليه والذي يقول فيه: «اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير» نقدمه بين يديك وندخره عندك (واجعل الموت راحة لنا من كل شر) نسعد فيه برحمتك الواسعة وبرضوانك الاكبر «جل ثناؤك وعز جارك ولا آله غيرك».
    وما اجمل ما جاء على لسان احد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم في قوله (من عظّم الخالق في قلبه صغر كلما دونه في عينه فكأنه والجنة كمن قد رآها وهو فيها منعم وكأنه والنار كمن قد رآها وهو فيها معذب».
    وجدير بنا ان نذكر ما جاء على لسان احد كبار فلاسفة الغرب الذي يقول: «من ايماني بالحاكم على ضميري الذي يريحني نفسياً ويجملني روحياً كلما استطعت ان اكون عادلاً ومحسنا في تعاملي مع نفسي وفي تعاملي مع الناس وفي تعاملي مع الحاكم على ضميري والذي يضلني عقلياً وبدنياً ويذلني نفسياً كلما رضيت لنفسي ان اكون مسيئاً وظالماً في تعاملي مع نفسي ومع الناس ومع الحاكم على ضميري من ايماني بهذه الحقيقة التي لا تدع مجالاً للشك علمت ان الله هو وحده الحاكم والمسيطر على القلوب وآمنت بالحساب الذي وعد الله به عباده على السنة أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام».

    lti,l hgsuh]m lk lk/,vhgwthx hgv,pd







    رد مع اقتباس  

  2. #2  
    يــــــــــــعطيك العافيه اخوي حمدي على الموضوع الجميل

    ولا تحرمناااااا جديدك





    رد مع اقتباس  

  3. #3  
    بارك الله فيك اخوي حمدي على روعه المعلومات القيمه

    ننتظر جديدك

    تحيتي لك





    رد مع اقتباس  

المواضيع المتشابهه

  1. في دلالة مفهوم الاستلاب
    بواسطة بوغالب في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-Aug-2010, 07:32 PM
  2. مفهوم النوم
    بواسطة طيـ الأمل ـــف في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-Nov-2009, 03:06 AM
  3. مفهوم الخاطرة
    بواسطة سسا؟ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 20-Sep-2009, 04:43 AM
  4. مفهوم المفهوم
    بواسطة مظلوم وجلاد في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 20-Jun-2007, 11:41 AM
  5. $$ مفهوم الحب في الإسلام !! $$
    بواسطة said saad في المنتدى رياض المؤمنين
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 18-Dec-2006, 08:55 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •