البشرية, التوفيق, الإلهية, الإرادة, بين
الله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان إرادة قوية جدا ولكنها في النهاية محكومة بمشيئة الله , بمعنى آخر : الله سبحانه وتعالى وضع أسبابا في هذا الكون توصل الإنسان لما يريد , قال تعالى : " فأتبع سببا " الخطاب هنا موجهة لذي القرنين عندما جعل بينه وبين بأجوج ومأجوج سدا كما هو موضح في الآية . والسد هنا هو هدف ذي القرنين حصل على ما يريد وفقا على بذله السبب , وبتأكيد مباشر من الله سبحانه وتعالى . على أهمية السبب.
كذلك تحقق للرسول صلى الله عليه وسلم النصر عندما أخذ بالأسباب . .
قال تعالى :" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ". الآية.
مرة شاهد الرسول صلى الله عليه وسلم رجلا عابدا لا يعمل , فقال الرسول صلى الله عليه وسلم من يطعم هذا ؟ فقالوا له : " أخوه يأتي له بالأكل " .
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أخوه أعبد منه " .
: للأسف أن نسقنا الثقافي رسخ لدينا ( التواكل ) بصورة ضاعت معها قيمة ( العمل ) التي فاقنا فيها الغرب . الغرب لديه قيمة العمل عالية جدا لذلك هو يكيف الواقع كما يريد , لأنه يعمل أو بعبارة أخرى ( يبذل الأسباب ) التي هي جزء من ديننا ولا نعلم كيف أخذوا بها وتناسيناها نحن.
المثل الذي يقول ( لو تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش ) مثل بائس جدا ,, بل فاسد . لماذا ؟ لأنه يبعث على الكسل والخمول ويثبط العزائم . كما أنه لا يتوافق مع السنة الكونية المليئة بالأسباب .
والمثل الذي يقول : " خلك على قريدك لا يجيك أقرد منه " لا يقل بؤسا عن سابقه كلها معاني تجعلنا في آخر الركب ولا تقيم لبذل الأسباب أي قيمة.
الإنسان بيده فعل ما يريد ( وفقا للإرادة التي أودعها الله فيه ) فكل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تؤكد ذلك , بل تدعو إلى بذل السبب .
الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف عندما هاجر إلى المدينة , جاءه الأنصار ليعطوه بيتا ويزوجوه , ولكنه رفض كل ذلك وقال : " دلوني على السوق " وصفوا له السوق فأصبح من أثرى أثرياء الصحابة. لأنه عمل وبذل السبب وكانت هذه إرادته يبقى الأمر كله بيد الله .
هناك أشياء لا يستطيع الإنسان أن يتحكم فيها مطلقا مثل : معرفة الساعة , وتحديد أيامه في هذه الدنيا , ومكان ولادته وغير ذلك .
ولكن الإنسان بيده إرادة بشرية كاملة لأن يحدد شكل ونوع حياته التي يريدها , مكان سكنه , شكل ملابسه , علاقاته , تجارته , سلوكه . إلخ.
قد يمر على الإنسان معيقات تؤخر أهدافه أو توجهه نحو طريق هو لا يريده , ولكنه طالما أنه وعى لذلك واعتقد أن بيده تغيير حالته استطاع وفقا للإرادة التي أودعها الله به أن يعمل ما يريد.
وإلا ما معنى أن نجد أناسا حققوا ما يريدون ما معنى أن نجد أناس وضعوا خطط ,, عملوا لساعات طويلة , فكروا بصورة إيجابية , حملوا معتقدات إيجابية عن أنفسهم حتى حققوا ما يريدون , ما ذا يعني هذا ؟
هذا هو سؤال البرمجة اللغوية العصبية في بداية تشكلها في منتصف السبعينات الميلادية :
حيث طرح مؤسسا العلم ( الدكتور / ريتشارد باندلر والدكتور جون قريندر ) السؤال التالي :
لماذا يبدع فلان ويتميز ويحقق ما يريد ؟ ولماذا يفشل فلان ؟ !
ومن هذا السؤال بدأوا يدرسون المتميزين في تلك الفترة مثل د. مليتون إركسون المشهور بنجاحاته الباهرة في مجال التنويم الإيحائي , وكذلك درسوا طبيبة العائلة المشهورة د. فرجينيا ساتير فوجدوا أنهما يتبعان استراتيجيات تختلف عن الآخرين في كل شيء سواء في نوع اللغة التي يستخدمانها أو في طريقة التفكير أو طريقة سلوكهم .
ثم استخلصوا استراتيجياتهما وعملوا منها مادة تدريبية ,, ودربوا عليها الناس ليصبحوا متميزين مثلهم في نفس التخصص.
هذه العملية تسمى في الـ NLP ( النمذجة ) . وهي من أهم التقنيات في البرمجة اللغوية العصبية.
بإمكانك أن تذهب إلى صديق لك مبدع جدا في مجال معين وإبداعه يشهد به الجميع أعمل له ( نمذجة ) بصورة مبسطة جدا . بمعنى اسأله عن معنى الحياة ؟ عن نظرته عن نفسه؟ عن علاقته ؟ عن كيف يبدع ؟ عن الساعات التي يقضيها في العمل ؟ عن تقديره لذاته ؟
ستندهش لإجاباته ستجد أن له رؤية مغايرة عن الآخرين ,, وستجد أن كل ذلك يتم بصورة إيجابية وستجد أنه تبذل الأسباب بصورة تلقائية أما لو رحت تطبيق طريقته ومعتقداته ونظرته للحياة فستجد أن الصورة قد اختلفت جدا حيث ستبدع مثله.
طبعا أنا أقول اعملوا هذا بصورة مبسطة وإلا فإن النمذجة لها منهجية طويلة بعض الشيء ولكن يمكنك فعل ذلك من باب التجريب .
مشكلتنا: في بيئتنا ( المتخلفة ) التي لا تقيم وزنا للإبداع في حين الغرب يحتفل بهذه القيمة المبدع هناك يصفق له الجميع أما المبدع هنا فلا يصفق له سوى ( أمه ) !!!!!!
لذلك ترسخ لدينا أن التميز و النجاح قضاء وقدر وأن الله سبحانه وتعالى أراد له ذلك !! وهذا الكلام خطأ من حيث تغييب الإرادة البشرية التي أكدها الله في القرآن الكريم , قال تعالى : " كل نفس بما كسبت رهينة " , وقال تعالى : " وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " إرادة الله موجودة ولكنها لا تمنع الإرادة البشرية من فعل الشيء إلا ما شاء الله.
الحقيقة أننا ضحايا لبيئات سلبية ,, وليس ضحايا قضاء وقدر بالصورة التي نفكر فيها كما هو المفهوم التعميمي الشائع . الله سبحانه وتعالى خلقنا وخلق الأسباب فينظر ماذا نفعل ؟
ماذا تتوقعون لطفلة نشأت في بيئة إيجابية تلقى في كل يوم التشجيع والتحفيز والتدريب على العمل واتخاذ القرار وتشعر بمقدار الثقة التي بثتها فيها البيئة ؟ بالتأكيد ستكون فعالة في حياتها .
وماذا تتوقعون من طفلة نشأت في بيئة لا تشجعها على اتخاذ القرار ولا الاعتماد على نفسها وتشعرها دوما بالضعف و الهوان ؟ بالطبع ستكون فاقدة شيء من الثقة في نفسها وستكون أقل فاعلية من الطفلة الأخرى
في المثالين غرست قيم ومعتقدات وأفكار ونظرة عن الحياة وعن النفس بصورة مختلفة الأولى إيجابية والثانية سلبية
الجميل في الأمر أن الطفلة الثانية يمكنها أن تعيد برمجة نفسها عندما تعلم أن الأمر ليس قضاء وقدرا بمفهومه السلبي ( المتواكل ) المتعارف عليه , وإنما هو طريقة تربية خاطئة ولدت أخطاء , فعن طريق بذل الأسباب والقناعة بقيمة العمل والقدرة على التغيير يمكنها ـ بعد توفيق الله ـ أن تتغير لما تريد هي .
المشكلة هي عوائق ذهنية نظن أننا لا يمكننا تجاوزها في حين لو وعينا مقدار ما يملك الإنسان من طاقة عالية ( أودعها الله فيه ) على التغيير لأمكننا تهشيم العوائق الذهنية والانطلاق نحو أهدافنا .
hgj,tdr fdk hgYvh]m hgYgidm ,hgYvh]m hgfavdm !!!