الملاحظات
صفحة 5 من 6 الأولىالأولى ... 3456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 50 من 58

الموضوع: رواية تناديني سيدي

  1. #41  
    المشاركات
    3,260




    إبتسم على نحو غريب عندما قالت ذلك:
    " إن بريق عينيك يجعل المرء يظنك فتاة أسبانية , ستجدين بالقرب من النافذة البعيدة أبريقا فيه عصير البرتقال , وفي الخزانة المجاورة للنافذة عدد من الأكواب".
    هبّت واقفة وأتجهت الى النافذة ذات الستائر الحريرية , وأنهمكت في ملء كوبين من العصير , وسرى في كيانها خاطر كالعاصفة وهو أن دون جوان قد يتحطم أذا هو أحب أمرأة لا يفهما , ولم تستطع أن تصدق أنه أحب راكيل فونسكا بمثل هذا النحو , أن راكيل لن تقلق أذا هو فعل ذلك , وهي تسعى لأشباع فضولها , وتريد أن تحظى بأعجاب الرجال الآخرين الموجودين على شرفة نادي هيدالغو أما هي فستكون قانعة . وسعيدة جدا أذا هي نعمت بحب مركيز الجزيرة.
    حملت أيفين عصير الفاكهة الى حيث يجلس دون جوان , كان حقيقة ماثلة أمامها ومع ذلك بدا في الوقت ذاته مجرد جزء من الحلم الذي ستحمله معها وستتذكره هنا كجزء من السحر الأخاذ لغرفة المرايا الذهبية ,والبيانو بأطاره الرائع , ولوحات الوجوه الأسبانية المرسومة على خلفية ذهبية.
    وقدمت له الكوب : " ها هو ذا يا سيدي ". وودت لو يعزف مقطوعة أخرى , فهمست:
    " ليتك تعزف شيئا آخر قبل أن أسرع الى النوم".
    شدّتها عيناه وهو يقول :
    " ألم تسمعي ما يكفي من الموسيقى هذه الليلة ؟ أنا واثق أن كورتيز عزف لك بغيتاه وليس من آلة أخرى تعطي روعة الحس الأسباني مثلها".
    وتعلقت عيناها بالغيتار المعلّق بالأشرطة القرمزية الى جواره صورة روزاليتا , في إمكانها أن تتصور دون جوان صبيا جالسا عند ركبة أمه يستمع اليها وهي تعزف له وتغني عن الأرض التي فرت منها . سألها:
    " أي شيء تريدين سماعه؟".
    نظرت اليه وعرفت أن المعزوفة لا بد أن تكون شيئا لا تنساه.
    " أعرف لي شيئا تهواه".
    " حسنا يا أيفين".
    وضع الكوب جانبا , وجلست هي بين وسائد مقعد مريح , وأسرعت دقات قلبها من نشوة وجودها معه , وأغمضت عينيها عندما شرع يعزف , وكانت هي الموسيقى التي كان يمكن أن تختارها , حلوة وحزينة , حزن عاشقين يتحتم عليهما الأفتراق.
    عزف مقطوعة حب تريستان وايزولد , وطوال عزفها كانت أيفين تشعر وكأن أمه موجودة في الغرفة , أن روزاليتا كانت تتخذ من هذه الغرفة ملاذا لها من برودة أهل زوجها , في هذه الغرفة كانت تنتظر عودة زوجها اليها من أسبانيا , وأخيرا فرت لتنضم اليه , وقد حاربا معا في التلال كمحازبين , ومات في التلال فرحلت بأبتها بعيدا جدا , وعلمته , أن يحب الموسيقى . ولكنها علّمته أيضا أن يكون حذرا من الحب.
    نظرت أيفين الى صورة روزاليتا , بدا لها كأنما عيناها تلتقي بعينيها وتحدثها قائلة أن الحب الكثير قد يجلب لها وجع القلب , وأن عليها أن تنتبه قبل أن تصبح حياتها تعسة بسبب حب لم تخلق له.
    وتوقفت الموسيقى بهدوء وأدركت أيفين أن الدمع يبلل عينيها وأغمضتهما وأبعدتهما بسرعة قبل أن يستدير دون جوان لينظر اليها , كانت عيناه تشبهان عيني أمه في الصورة , والموسيقى التي عزفها عن حب محرم , لعله أخبرها بطريقته الناعمة أن عليها أن تتركه مثلما جاءته الجزيرة ضالة , سألها :
    " هل أعجبتك المعزوفة التي أخترتها لك؟".
    هزت رأسها :
    " كانت جميلة يا سيدي , مثل اللحظة التي بسطت فيها العروس طرف طرحتها على كتف زوجها , شيء خاص جدا للذكرى".
    " تعرفين معنى هذا الجزء من مراسم الزواج؟".
    أعتقد أن ذلك يعني أن العروس تسلم ذاتها الى سلطة الزوج , يبدو أنه يعني شيئا من هذا القبيل , وكان شيئا جميلا , الطرحة البيضاء على سترته السوداء وشعرها الأسود يربطهما معا".













    رد مع اقتباس  

  2. #42  
    المشاركات
    3,260


    " أن قسم الزواج الأسباني رباط أبدي يا أيفين , على الأرض وفي السماء , وسواء كانا معا أو كانا مبتعدين , لهذا السبب يجب على الرجل أن يكون على ثقة , ويجب على الزوجة ألا تتعامى عن الأشياء الأخرى الخارجة عن نطاق الحب , وعليها أن تشعر نحو الرجل بأكثر من الأعجاب أو العاطفة وبأكثر من الأمتنان لأنه ربما كان طيبا نحوها , في البداية يكون التألم في الحب أكثر من السرور به".
    لم تستطع أيفين أن تقرأ التعبير المرتسم على وجهه , ففي تلك اللحظة أنطفأت أحدى الشموع , ولكن حديثه عن التألم في الحب معناه أنه يشعر به , وأنه واقع في الحب , وأنه سيتزوج ليس فقط من أجل أنجاب وريث يحمل أسمه , سيتزوج من أجل الزواج نفسه لأنه يريد المرأة أكثر من أي شيء آخر على الأرض.
    وأخيرا بدت الغرفة باردة , وشعرت أيفين برعشة , وأخذ ضوء الشموع يذبل , فنهضت من مقعدها المريح وقالت :
    " الوقت قد تأخر جدا , ربما يغشاني النوم أثناء دروس الغد".
    " أجل , على كل منا أن يأوي الى فراشه".
    ومد يده ليلتقط عصاه , ولكنها زلقت من يده ووقعت على الأرض ,وفي لمح البصر أسرعت أيفين الى الأمام لكي تلتقطها , وقدمتها اليه بأبتسامة تلاشت في الحال بعد نظرته القاسية اليها وهو يأخذها , نظرة قاسية كأنما ضربها بالعصا.
    تراجعت حائرة خائفة وهو يقول :
    " أذهبي الى غرفتك !".
    فقالت والكلمات ترتعش على شفتيها:
    " ألا تقول طاب مساؤك؟".
    " طابت ليلتك , في المستقبل أحتفظي بشفقتك ولا تستعيدي الأشياء التي تسقط مني كأنما أنا عاجز ضعيف !".
    أجابته :
    " آسفة".
    ولكن كلماته جرحتها وخنقتها دموعها وهي تجري خارجة من الغرفة , وصعدت الدرج المؤدي الى غرفتها , لم يكنطيبا أطلاقا , بل كان متكبرا وقاسيا وأرادت أن تغادر بيته ! أرادت أن تبتعد أميالا , وغدا سوف تطلب من السيد فونسكا أن يرتب لها الذهاب الى مدريد بأسرع ما يمكن , هناك تحصل على عمل وتعيل نفسها , محاولة أن تنسى المركيز وقسوته بالأبتعاد عنه.











    رد مع اقتباس  

  3. #43  
    المشاركات
    3,260



    نامت نوما متقطعا وكانت مسرورة عندما أتى الصباح , وقد أطمأنت لأن دون جوان لم يشاركها الأفطار في الباحة , وبحلول الساعة التاسعة كانت في طريقها بالسيارة الى فيللا فونسكا.
    وبعدما دخلت الفيللا , جاءتها راكيل عبر القاعة وهي بادية الأضطراب , وقالت:
    " والدي مريض , والطبيب معه , عليك أن تعودي يا أيفين الى القلعة , لا يمكنك البقاء هنا لأنني أريد التفرغ للعناية بأبي".
    فقالت أيفين على الفور من أجل أستاذها :
    " آسفة يا راكيل ! أظن أنه كان متعبا بالأمس والطقس كان حارا , وأعتقدت أن سبب تعبه حرارة الطقس".
    علّقت راكيل قائلة:
    " كان من حين الى آخر يشكو من وجع جبنه , وقد حذّره الطبيب من رفع الكتب الثقيلة التي في مكتبه , والآن قد أجهد قلبه وعليه أن يرتاح لأسبوع أو أكثر".
    شعرت أيفين بحرج وقالت:
    " مسكين السيد فونسكا , هل من شيء أستطيع تقديمه للمساعدة , أنا معجبة به كثيرا و".
    قالت راكيل:
    " هناك يا عزيزتي خدمة يمكنك القيام بها من أجلي , يمكنك أخذ رسالة نيابة عني الى السيدة غرايسون الأميركية التي وجهت لي دعوة للغداء معها اليوم على ظهر يختها , أنها لطيفة وأحب أن أعتذر لها".
    وأنتظرت أيفين حتى كتبت رسالة الأعتذار على مكتب صغير أنيق في صالة الفيللا , كانت مهتمة بالأعتذار عن دعوة الغداء بمثل أهتمامها بأبيها المريض , وشعرت أيفين بتذكرها أن الوالد للفتاة شخص عزيز جدا وأنه ما من أحد يمكن أن يحل محله , ما من رجل آخر في حياة الفتاة يمكن أن يكون لطيفا ومتفهما , وما من حب آخر كان مأمونا وغير متطلب مثل الحب الأبوي.
    سلّمتها راكيل مظروفا صغيرا وقالت لها:
    " أن الدلفين الأزرق , يخت السيدة غرايسون , يرسو على بعد ميل من الجزيرة , وأحد صيادي السمك يمكن أن يتولى نقلك الى اليخت في قاربه , اليخت سفينة رائعة وكنت أتطلع للتفرج عليه , كما أن السيدة لمّحت الى دعوتي لرحلة على ظهره".
    همست أيفين :
    " أن رحلة بحرية هي بالتأكيد فرصة حسنة لوالدك ".
    فأجابت راكيل وهي تنظر ناحية سلم غرفة النوم :
    " بالطبع .يحسن بي أن أصعد اليه ".
    " أرجو أبلاغه تمنياتي له بالشفاء , وأنني سأفتقد دروسنا".
    وقالت راكيل في حدة:
    " لا ينبغي له أن يعطي دروسا , أن حمله لتلك الكتب الثقيلة قد أضطرنا الى حمله الى غرفة نومه !".
    عضت أيفين شفتيها وقالت:
    " لن آخذ المزيد من الدروس , كنت سأتحدث اليه اليوم بخصوص عملي في مدريد , أشعر أنني جاهزة للعمل".
    سألتها راكيل وقد خطر لها أن تتنبأ :
    " هل تعنين أنك تودين مغادرة الجزيرة ؟ ألست سعيدة في القلعة ؟ أن جوان كان سخيا معك , ولكنني أعتقد أن طيبة الرجل تعني القليل بالنسبة الى الفتاة إذا كانت الطيبة ليست بدافع أهتمام شخصي , أن جوان كريم بطبعه".
    جفلت أيفين , لأن أحسان دون جوان هو آخر شيء على الأرض تريده , وضعت رسالة راكيل في جيب سروالها الخلفي ذي اللون الأصفر الشاحب , وحاولت أن تبدو مرحة مثل قميصها البرتقالي الرياضي , وقالت :
    " سأحضر غدا أن أستطعت , للسؤال عن صحة الأستاذ؟".
    " تعالي إذا كانت هذه رغبتك , وأكدي للسيدة غرايسون أنني آسفة جدا لعدم تلبية الدعوة , أذ عليّ أن أكون أبنة مخلصة وأظل الى جانب والدي".
    وقالت أيفين بصدق :
    " ليست كل فتاة لديها مثل هذا الأب الرائع , أتمنى له الشفاء العاجل يا آنسة , الى اللقاء غدا".
    خرجت مرة ثانية الى الشمس ثم سارت في الطريق المرصوفة بالحصى والموصلة الى الميناء , كان كل شيء في هذا الصباح يفوح برائحة الخوخ , وتكدرت لأن السيد فونسكا قد لزم فراش المرض , أنه يحب جمال هذه الجزيرة المختفية بعيدة عن العالم حتى أن الأساطير القديمة وخرافات السحر لا تزال تعشعش فيها , أحست بالشمس على ذراعيها وهي تعبر الساحة ذات النافورة القديمة التي يعود طراز زخرفتها الى العصر الباروكي , وتجمعات البيوت التي تزخر شرفاتها بالزهور المعلّقة , وكان البطيخ يباع على منصة قريبة من الكنيسة , وتوقفت لتشتري شريحة باردة سرّتها حلاوة طعمها , وذلك قبل أن تصل الى شباك الصيد والصواري الممتدة على الشاطىء.

    كانت تبحث عن بحار يملك قاربا وعنده فراغ من الوقت ليكسب القليل من المال مقابل نقلها الى اليخت , وكان من حسن الحظ أنها تحمل بعض النقود في جيبها , لأن راكيل لم تفكر في أعطائها النقود اللازمة لتأدية مهمتها.
    ولمحت أيفين شابا يستند الى نخلة قرب قارب على الشاطىء , وكانت الشمس قد أعطته جاذبية البحار , فأقتربت منه وسألته إذا كان في وسعه أن ينقلها في قاربه الى يخت الدلفين الأزرق , الذي يبدو في لونيه الأبيض والأزرق راسيا على مسافة ميل من الشاطىء.













    رد مع اقتباس  

  4. #44  
    المشاركات
    3,260




    وألقى نظرة الى ثيابها غير الرسمية وشعرها الذي ينساب على كتفها وسأل :
    " هل للآنسة أصدقاء على ظهر اليخت؟".
    " معي رسالة للسيدة التي تملك اليخت , وأود أن تعود بي الى الشاطىء بعد تسليمها".
    هز رأسه موافقا , وبدأ يسحب القارب وينزله الى الماء , وثبت القارب الصغير الى أن ركبت أيفين وجلست على لوح خشب بشكل مقعد وشعرت بلحظة خوف عندما نزل المجذافان في جمال الميناء ونسمة البحر المنعشة تمسح وجهها وكانت المياه زرقاء حتى كادت تتوقع أنها ستلون أطراف أصابعها عندما تلمسها , والطيور تسبح في الفضاء , وبشرة الشاب السمراء تداعبها خصلات شعره , وقال :
    " لا يأتينا كثير من السياح الى هذه الجزيرة , أنهم لا يجدون تشجيعا من المركيز الذي يود أن تبقى الجزيرة بغير تلوث وفساد:,
    علّقت قائلة وقد علت شفتيها أبتسامة مرحة:
    " أرجو ألا يظن المركيز أنني أفسدت له الجزيرة".
    وبنظرة أعجاب جريئة قال الشاب :
    " كلا , لو أن جميع السياح في جمال الآنسة , فأنا واثق من أن المركيز ن مسرورا للغاية".
    " لا أظن".
    ثم أطلقت ضحكة مشوبة بشيء من الحزن ولاحظت أقترابهما من يخت الدلفين الأزرق.
    " مرحبا".
    صاح شاب بلهجة أميركية وكان يرتدي زي البحارة وقد أزاح طاقيته الى الوراء , وأنحنى على جانب اليخت عندما وصل القارب , ولوحت أيفين بالرسالة موضحة أنها تريد تسليمها.
    " هيا أصعدي !".
    ترددت أيفين أذ كان البحر يموج قليلا حول اليخت , وكان لا بد من أن تحافظ على توازنها لكي تخطو من القارب الى درجة السلم الموصل الى ظهر اليخت.
    وسمعت الصوت يقول لها:
    " أصعدي ولا تنظري الى أسفل".
    وما أن وصلت الى أعلى حتى رفعتها ذراعان قويتان , وضحكت وصافحت عيناها عينين زرقاوين نظر اليها قائلا:
    " هذه مفاجأة ! هل يوزعون البريد في هذه الجزيرة بواسطة الحسناوات المحليات؟".
    " من دونا راكيل".
    تأمل مظروف الرسالة وقال:
    " الى والدتي أليس كذلك؟".
    أجابت بالأنكليزية :
    " السيد فونسكا ليس على ما يرام وقد رأت راكيل أن من الأفضل أن تظل معه , وهي مستاءة بخصوص تغيبها عن المجيء الى اليخت".
    نظر الى أيفين ثم ضحك وقال:
    "أذن فأنت لست سنيوريتا , أنت سائحة مثلي".
    نفدت الكلمة الى أعماقها كأنها سكين , ولكنها كانت كلمة صادقة , أنها فعلا سائحة فقط وقعت في حب هذه الجزيرة , أنها لا تستطيع البقاء فيها مثل صيادي السمك أو النسوة اللواتي يجمعن عشب البحر على الشاطىء , أو طالبات الدير اللواتي يسرن مع الراهبات.
    " جزيرة دي ليون مكان رائع ".













    رد مع اقتباس  

  5. #45  
    المشاركات
    3,260




    هذا ما قاله إبن السيدة غرايسون وهو ينظر من سطح اليخت الى الجزيرة , ثم سألها:
    " هل أنت مقيمة عند آل فونسكا , أن راكيل لم تذكر وجود ضيفة لديهم".
    لقد أعفى أيفين من الرد وذكر مكان أقامتها , ظهور سيدة على سطح اليخت في تلك اللحظة , كانت ممتلئة الجسم , رمادية الشعر وترتدي ثوبا قرنفليا , سألت :
    " كينيث , من الذي جار لزيارتنا؟".
    أقتربت بأبتسامة مماثلة ثم أتسعت عيناها عند رية أيفين وقالت :
    " أهلا , هذا شرف لنا , لقد رأيتك منذ يومين وقيل لي أنك تحت وصاية المركيز دي ليون".
    جفلت أيفين وشعرت كأنما تريد أن تتجه الى الممر الخشبي ناحية جانب اليخت.
    وعلّقت السيدة غرايسون :
    " أيفين والأسد ! ( ليون ) , ما أغرب روعة التعرف عليك يا عزيزتي , هل أنت صديقة أبني كينيث؟".
    كان كينيث يتابع حديثهما فأسرع الى تسليم رسالة راكيل الى أنه :
    " أن الآنسة أحضرت هذه الرسالة".
    فتحت الرسالة وقرأتها وأعربت عن أسفها لمرض السيد فونسكا , ثم أعلنت أنه ما دامت راكيل لم تستطع مشاركتهما على الغداء فيجب أن تحل أيفين محلها.
    كانت أيفين تريد أن تتجنب الرد على الأسئلة التي تتعلق بالمركيز , إذ كان الفضول باديا في عيني السيدة غرايسون , فقالت:
    " كلا , لا أستطيع".
    " أنني أصر يا عزيزتي , وسأتركك تذهبين أذا كنت ستقابلين المركيز على الغداء".
    وكانت بنتيا غرايسون سيدة أعتادت على ألا يرفض لها أحد دعوة .
    حاولت أيفين أن تكذب كذبة بيضاء , ولكن صدقها تغلب فقالت أن المركيز لا يتوقع عودتها على الغداء.
    " لكن لدي بعض الدروس التي أريد مراجعتها".
    تعجبت السيدة غرايسون وتساءلت:
    " دروس , دروس لغة يا عزيزتي ؟".
    " أجل ".
    " بالتأكيد يمكنك تأجيلها , أننا أنا وكينيت نحب أن تشاركينا الغداء , ولن أقبل الرفض ". ونظرت الأم الى أبنها وتابعت : " سنأتي بالمقبلات الى سطح اليخت , أنا مشتاقة للتعرف على بطلة حكايتنا الطفولية ".
    تحدثت أيفين وهي تتفادى النظر الى عيني كينيت :
    " لقد جاء بي صياد بقاربه وهو ينتظر للعودة بي الى الجزيرة".
    قال كينيت بإبتسامة :
    " سأذهب وأبلغه بأنك لن تعودي الآن , وأنما بعد فترة".











    رد مع اقتباس  

  6. #46  
    المشاركات
    3,260




    9- فتاة الحكاية الخرافية




    وجدت أيفين أنها تقابل كينيت غرايسون كثيرا في الأيام الأخيرة , كانت صحبته من النوع السار , وكان السيد فونسكا قد لزم الفراش بسبب مرضه فأعطاها ذلك الوقت الكافي للتجول في الجزيرة مع كينيت الذي كان يعشق التصوير الفوتوغرافي , وقد ألتقط صور أماكن قديمة وأخرى رائعة.
    وبالطبع رغب في زيارة القلعة , ولكن أيفين كانت تنتحل الأعذار حول أخذه اليها لمقابلة الوصي عليها , وكانت تقول له أن دون جوان لا يعتبر بيته مكانا سياحيا.
    وكان كينيت يقول :
    " ولكنني صديق لك , وأنت تحت حمايته , وبالتأكيد يمكنني أن أرافقك الى القلعة وتقدمينني له؟".
    " أنه يحب حرمته البيتية".
    " هل أنت خائفة منه؟".
    سألها ذلك وهو يلتقط لها صورة وهي جالسة على جدار شجرة لوز مزهرة.
    " بالطبع لا !".
    " يبدو أنك كذلك يا عزيزتي , هل هو صارم ويتحكم فيك بشدة؟".
    ضحكت وقالت :
    " إنه وسيم للغاية , وأذا تعكّر مزاجه أحيانا , فذلك يرجع الى أنه عانى حزنا في حياته , وتعذب من ساقه التي تؤلمه والتي كاد يفقدها في حادث ركوب جواده , كان يحب ركوب الخيل , وكان من رعاة البقر في شبابه".
    أستند كينيت الى الحائط وأشعل سيكارة , وضاقت عيناه وهو ينفث الدخان , وأنعكست أشعتهما الزرقاء على وجهها , ثم سألها :
    " كم يبلغ عمره الآن؟".
    " أنه في الخامسة والثلاثين تقريبا".
    وبدت أيفين صغيرة وهي تسوي شعرها بأناملها , ولكنها بدت أيضا غير واثقة من المستقبل , لم يكن في وسعها أن تحدّث أستاذها عن العمل الذي سيساعدها في الحصول عليه في مدريد قبل أن تتحسن صحته , أرتسمت على شفتي كينيت أبتسامة وقال:
    " كان لدي أنطباع بأنه أكبر سنا , وتقولين أنه وسيم أيضا ؟ ومن العجيب أنك لست مولعة به , وقد سمعت أن الأسبان لديهم جاذبية أسبانية ساحرة".
    إبتسمت وكررت قوله:
    " جاذبية أسبانية ؟".
    أنحنى كينيت الى الأمام وداعب ضفيرتها مما ذكّرها بالعازف ريك وجعلها تخجل من لمسه لشعرها , وقال :
    " تعرفين ما أقصد يا آنسة بلغريم , هل تخجلين من الرجال يا أيفين ؟".
    " أنني أحب الصداقة ".
    " لأنها أكثر راحة ".
    " لا أرى معنى لأن تغازل الفتاة كل رجل تقابله".
    " أنت تعتقدين أن جوانب معينة من العلاقة بين الرجل والمرأة ينبغي أن تكون مقدسة , بينها وبين رجل واحد فقط , هل ألتقيت مع فتاة من الطراز القديم التي لا هم لها إلا الأمان الذي يوفره الزوج للفتاة ؟".
    " كينيت , ليس النساء جميعا مرتزقة !".
    " النساء اللواتي ألتقيت بهن لسن من النوع الذي يبني عش الحب".
    " لقد فررت من الوقوع في حبائل أحداهن , أنت أذن طائر مراوغ تعرف ما تريد".
    " لعلّي أريد واحدة مثلك ؟". قال ذلك في أستخفاف ولكن بوميض في عينيه , ثم أضاف : " هل أنت يا أيفين حرة القلب؟".
    " نعم , وسأظل كذلك".
    نزلت من فوق الجدار المنخفض , وأتجها معا الى مطعم في الشاطىء , تظلل الشماسي موائده.
    أن المشي في الشمس جعلهما يشعران بالعطش , ولهذا طلب كينيت عصير فاكهة مثلج وسأل الخادم أن يحضر قائمة الطعام بعد ربع ساعة , كانت مياه البحر لا تبعد عن مائدتهما غير بضعة أمتار , وكان سرب من طيور البحر يتراخى في كسل عند موجات البحر.













    رد مع اقتباس  

  7. #47  
    المشاركات
    3,260




    كانت أيفين مسرورة لأرتشاف عصير مثلج في رفقة شاب جذاب , ومدركة أيضا لأنسياقها في علاقة جديدة يمكن أن تعطيها عاطفة أكبر من عاطفة ريك , ولكنها أقل من النشوة العارمة التي تحلم بها.
    أنها تميل الى كينيت , وأمه لطيفة طيبة القلب وإن تكن فضولية , بالأمس عندما كانا يجلسان على سطح اليخت نحو ساعة وهما يحلمان تحت سماء تضيئها النجوم , لمحت السيدة غرايسون الى أن أيفين هي نعم المرافقة , وأنهما عما قريب سيبحران الى أسبانيا , والى البرتغال ثم يعودان الى وطنهما أميركا , وبأستطاعة أيفين أن تذهب معهما . أذا أختارت ذلك".
    أخذ كينيت يدها وضغط أصابعها النحيلة وقال :
    " هيا تعالي من هذا البعيد الذي شطحت بخيالك اليه , فقد شعرت بأنني وحيد وكأن لا مكان لي في خواطرك".
    أبتسمت له وقالت :
    " ولكنني كنت أفكر فيك , وسأفتقدك يا كينيت عندما تبحر".
    قال ملاطفا :
    " أبحري معنا , أمي تحبك , ويمكنك أن تعملي كمرافقة كما ألمحت اليك , ويمكننا نحن أن ندع الأمور تأخذ مجراها في لطف وسهولة بيننا , وإذا لم تتطور الأمور بيننا , ولن يكونهذا لقلة التشجيع من جانبي , عندئذ لن تكوني قد خسرت شيئا , لقد قلت لي أنك ستغادرين الجزيرة للعمل في مدريد , ماذا ستفعلين هناك وحدك ؟ فتاة مثلك , أشبه بقطة صغيرة ذات نظرة ضائعة في عينيها , وهذا يا أيفين يجعلني أتعجب".
    قالت ضاحكة :
    " أنني الآن جائعة وأشتهي أكلة قريدس لذيذة , هيا طقطق أصابعك مثل الأسبان ودعنا نلقي نظرة على قائمة الطعام".
    " أنا لست أسبانيا يا عزيزتي".
    أستقرت عيناها على شعره القصير , وعلى طلته الأميركية وهو يتأمل البحر ويطبق على شفتيه , وقالت :
    " كلا , ليس فيك أي شيء أسباني يا كينيت ".
    " وهل يغير ذلك من شيء؟".
    " على العكس , أن ذلك يجعلني أشعر بالطمأنينة ".
    " على أرض صلبة ليس تحتها أي نيران أو براكين خفية".
    ضحكت ثانية , وتجاهلت وخزة الألم مع تذكر غليان البركان في دون جوان , وغضبه عندما ألتقطت له عصاه الأبنوسية , وأمره لها بأن تحتفظ بشفقتها لنفسها , الشفقة ؟ أنها لم تشعر بشيء من هذا لرجل قوي للغاية وناضج جدا ويعتمد على نفسه كليا , أنها رادت فقط أن تعطيه شيئا قليلا من دفء قلبها.
    أستند كينيت الى ظهر مقعده وكوب العصير في يده وقال :
    " الثابتون يقدمون على المدى البعيد أكثر مما يقدمه الأشخاص الغامضون الذين لا يستكطيع المرء أن يتصل بهم أتصالا وثيقا , وأعتقد أنك إذا جئت معنا وتركت هذه الجزيرة بدون التطلع الى الوراء ستجدين السعادة".
    نظرت أولا الى كينيت ثم الى جبال أسبانيا البعيدة وقالت :
    " أن العمل في مدريد كان هو كل ما أستقر عليه رأيي قبل مجيئك , وكان والد راكيل ساعدني في دراسة القطع الفنية والأثرية ".
    " توجد في ولاية كاليفورنيا مؤسسات ومخازن لبيع الآثار الفنية , وسأكون الى جانبك يا أيفين".
    " الأميركان باعة مثابرون على ما أرى".
    " وفي كاليفورنيا وديان البرتقال وبيوت من الحجر الأبيض , وستعجبك الحياة هناك".
    " وهل تعيش أنت ووالدتك يا كينيت في بيت من الحجر الأبيض؟".
    أبتسم أبتسامة جذابة وقال :
    " نعم , وفي البيت باحتان فيهما أشجار بنفسجية الزهر , ومنظرها رائع وعلى الأخص أمام الجدران البيضاء".
    أطلقت تنهيدة شخص غير واثق وقالت:
    " أنا , أنا لا أستطيع تقرير أي شيء قبل التحدث بهذا الشأن مع الوصي علي".
    " أنه وصي مؤقت يا أيفين , وأنت لست ملكا له".
    " كلا.".
    " هل يتصرف كأنه يملك؟".













    رد مع اقتباس  

  8. #48  
    المشاركات
    3,260




    " كلا , ولكنه أحسن الي , لم يكن لدي أي شيء عندما أنقذوني من البحر وجاء زورق الصيد الى الجزيرة , وقد رتب مع السلطات الأسبانية أقامتي هنا كزائرة , وطلب الي ثيابا أنيقة من مدريد , وأقنع السيد فونسكا بأن يتولى تعليمي . لم أكن غير خادمة ومرافقة , وعاملني كأنني أحدى قريباته".
    " ليس كأبنه له؟".
    أبتسمت قليلا:
    " أنه ليس كبيرا الى هذا الحد".
    " أود أن أقابله يا أيفين , وأشعر أنه يتحتم عليّ ذلك في هذه الظروف , وأعتقد أنك تميلين الى قبول العمل لدى والدتي , وأذا تحدثت الى المركيز فأنه على الأقل لن يشك في مكانه عائلتي التي ستعملين عندها , ويخيل الي أن المرأة الأخرى التي كنت تشتغلين لديها كانت متوحشة نوعا".
    " نعم كانت أشبه بالتتار , وربما أنا أيضا سحت لها بالتسلط علي , وقد علّمني أختلاطي بالأسبان أن الأعتزاز لا يعني الضغط على الآخرين وأن الناس سواسية , أنني لم أر ولم أسمع طوال مدة أقامتي في القلعة غير معاملة دون جوان اللطيفة أتجاه حاشيته , إنه متحفظ وهذه طبيعته , ولكنه لا يستأسد على الضعفاء ".
    " هل تأخذيني لمقابلته؟".
    " كينيت , دعنا ننتظر يوما أو يومين.".
    " ولكننا سنترك الجزيرة يوم السبت ! وليس أمامنا غير مهرجان يوم الجمعة نمرح فيه , وعليك أن تقرري يا أيفين , يخيّل الي أن المركيز إذا قال لا بخصوص أي شيء , فإنك تنصاعين له".
    أحتجت وقالت :
    " ليس في كل الأمور".
    " ومتى أعترضت عليه؟".
    " مثلا فيما يتعلق بالشاب ريك , كان المركيز غير متحمس لصداقتي له , وقد وجدت فيما بعد أن المركيز أكثر مني تبصرا بالناس , أو يمكنني أن أقول أكثر مني فهما للحياة وخبرة بها".
    وبدت الغيرة على وجه كينيت.
    " من هو ريك؟".
    " أنه عازف الغيتار في نادي هيدالغو".

    " كلا , ولكنه أحسن الي , لم يكن لدي أي شيء عندما أنقذوني من البحر وجاء زورق الصيد الى الجزيرة , وقد رتب مع السلطات الأسبانية أقامتي هنا كزائرة , وطلب الي ثيابا أنيقة من مدريد , وأقنع السيد فونسكا بأن يتولى تعليمي . لم أكن غير خادمة ومرافقة , وعاملني كأنني أحدى قريباته".
    " ليس كأبنه له؟".
    أبتسمت قليلا:
    " أنه ليس كبيرا الى هذا الحد".
    " أود أن أقابله يا أيفين , وأشعر أنه يتحتم عليّ ذلك في هذه الظروف , وأعتقد أنك تميلين الى قبول العمل لدى والدتي , وأذا تحدثت الى المركيز فأنه على الأقل لن يشك في مكانه عائلتي التي ستعملين عندها , ويخيل الي أن المرأة الأخرى التي كنت تشتغلين لديها كانت متوحشة نوعا".
    " نعم كانت أشبه بالتتار , وربما أنا أيضا سحت لها بالتسلط علي , وقد علّمني أختلاطي بالأسبان أن الأعتزاز لا يعني الضغط على الآخرين وأن الناس سواسية , أنني لم أر ولم أسمع طوال مدة أقامتي في القلعة غير معاملة دون جوان اللطيفة أتجاه حاشيته , إنه متحفظ وهذه طبيعته , ولكنه لا يستأسد على الضعفاء ".
    " هل تأخذيني لمقابلته؟".
    " كينيت , دعنا ننتظر يوما أو يومين.".
    " ولكننا سنترك الجزيرة يوم السبت ! وليس أمامنا غير مهرجان يوم الجمعة نمرح فيه , وعليك أن تقرري يا أيفين , يخيّل الي أن المركيز إذا قال لا بخصوص أي شيء , فإنك تنصاعين له".
    أحتجت وقالت :
    " ليس في كل الأمور".
    " ومتى أعترضت عليه؟".
    " مثلا فيما يتعلق بالشاب ريك , كان المركيز غير متحمس لصداقتي له , وقد وجدت فيما بعد أن المركيز أكثر مني تبصرا بالناس , أو يمكنني أن أقول أكثر مني فهما للحياة وخبرة بها".
    وبدت الغيرة على وجه كينيت.
    " من هو ريك؟".
    " أنه عازف الغيتار في نادي هيدالغو".
    وفي غيظ قال كينيت:
    " أنه وسيم الى حد لا يستغرب عنه التلاعب".
    " أجل ".وفي غيظ قال كينيت:
    " أنه وسيم الى حد لا يستغرب عنه التلاعب".
    " أجل ".











    رد مع اقتباس  

  9. #49  
    المشاركات
    3,260




    ضحكت أيفين بعصبية وهي تقول ذلك , وتذكرت المرة الأخيرة التي ألتقت فيها مع ريك ثم كيف أفترقا , ونظرت الى كينيت الذي كان رفيقها الدائم خلال الأيام الأخيرة , وشعرت بالخوف فجأة , ربما أخذ الناس يتحدثون عنهما , وربما أخذوا يقولون أنه هو الرجل الذي أمضت معه الليل وحدهما , ترى إذا بلغت الأشاعة مسامع كينيت , فهل يتصرف مثلما تصرّف ريك؟
    سألها وهو يبتسم:
    " أجائعة أنت ؟ هل نطلب ذلك القريدس الكبير اللذيذ؟".
    أومأت برأسها , ونادى الخادم , كان كينيت لطيفا وشعرت بالراحة معه , وكاليفورنيا تبعد أميالا عديدة عن الجزيرة , وهذه المسافة الطويلة ستطمس ذكرى دون جوان الى أن تعود تتذكّره زوجا سعيدا مع راكيل ولا يعيش وحيدا.
    جاء القريدس بلونه الوردي , ومعه بعض لفائف الخبز الأسباني , وبعض المقبلات , ولم تعد أيفين تشعر بالجوع ولكن بدا لها البحر كأنه قد فقد بعض بريقه كما أن تغريد الطيور بدا حزينا نوعا , هكذا تبدو الأشياء عندما تعرف أنك أنما تراها للمرة الأخيرة , وأذا هي تركت الجزيرة يوم السبت مع كينيت وأمه , عندئذ يتحول هذا المكان في هذه اللحظة الى ذكريات.

    بعد الغداء راحا يستريحان في كسل تحت نخلة ظليلة في الشاطىء , ولم يتحدثا كثيرا , وظن كينيت أن هدوءها وحزنها هما مجرد تنفيس عن تعلقها بالجزيرة , كأنما تستعد لوداعها وسماع كلمات الوداع من المركيز.
    دعاها كينيت لقضاء سهرة مهرجان الجمعة على ظهر اليخت , الذي جرى تزيينه بمصابيح ملونة لهذه المناسبة , وسألتها والدة كينيت:
    " هل تعتقدين أن السيد المركيز يوافق على حضور حفلنا الوداعي . لقد رأيت راكيل هذا الصباح وعلمت أن صحة والدها تحسنت بحيث سمكنها حضور الحفل , وأظن أن دون جوان قد يسره مرافقتها لحضور حفلنا".
    رأت أيفين أنها لا يمكنها بعد ذلك تفادي لقاء كينيت ووالدته بالوصي عليها , فقالت:
    " لا أظن أنه سيمانع أذا كانت راكيل ستحضر".
    فقالت بتينا غرايسون :
    " أذن , سأوجه اليه دعوة رسمية على الفور".
    وأسرعت الى غرفتها لتكتب لدعوة , وتطلعت أيفين الى مياه البحر الهادئة التي قد تحمل الغدر في أعماقها , سألها كينيت:
    هل صحيح ما يقوله الناس , وهو أن راكيل الأنيقة تطمح الى أن تصبح المركيزة؟".
    أجابته أيفين وهي لا تزال تتطلع الى البحر ".
    " ألا تظن أنها ستكون مركيزة رائعة , فهي جميلة ويمكنها أن تكون لطيفة للغاية , وأن تكون سيدة القلعة المثالية والمضيفة الجذابة".
    قال كينيت ويده تلمس شعر أيفين:
    " بالتأكيد أن الرجل يستحق ما هو أكثر من ذلك , وحتى الرجل المتحفظ يريد من يحبه بعاطفة؟".
    " ألا تعتقد أن راكيل عاطفية؟".
    " مثل تمثال رخامي".
    " كينيت , إنك لا تعرفها تماما!".
    " يا عزيزتي , أنني أعرف طرازها , وهو طراز لا تنفرد به الجزر الأسبانية وحدها".
    " هل عرفت فتيات كثيرات يا كينيت؟".
    أعترف ضاحكا:
    " بضع فتيات , معرفة الفتيات لعبة في أميركا , ولكنني مثل معظم الرجال أعرف طراز الفتاة التي أرغب في الأحتفاظ بها , هل سمعت بهذه العبارة المعروفة عن هيلين فتاة طروادة ؟ هل هي جديرة بالأحتفاظ ؟ ولم لا , أنها لؤلؤة , الرجل يميز بين اللؤلؤة الحقيقية وغير الحقيقية , وراكيل من النوع الأخير وهي تفتقر الى وهج العاطفة".
    كان كينيت رشيقا وهو يدير وجه أيفين حتى تواجهه , ويقول لها:
    " لدي شيء أود أن أقدمه لك , لقد وجدته في دكان صغير في الساحة ".











    رد مع اقتباس  

  10. #50  
    المشاركات
    3,260




    وأدخل يده في جيبه ثم أخرج منها لفافة صغيرة من الورق وأضاف:
    " هذه هدية لك , فقد كنت لي نعم الدليل أثناء التصوير طوال هذا الأسبوع".
    وبعدما فك اللفافة رأت أيفين سوارا ذهبيا لامعا تتدلى منه عدة طلاسم دقيقة تجلب الحظ : سلم صغير , حدوة حصان , قطة , تفاحة , قلب نحو عشرة أشياء صغيرة جميلة تتدلى من السوار الذي ثبّته في معصمها .
    " أوه , كينيت !".
    " فاتنة , أليس كذلك؟".
    " ما كان عليك أن تعطيها لي".
    " ولم لا ؟ أن الفتيات في أميركا يتوقعت أخذ تذكارات صغيرة على سبيل التقدير ".
    لمست بأصبعها الأشياء الصغيرة التي تتدلى من السوار وأبتسمت لأنها كانت هدية لا تقاوم وكانت في عيني كينيت طيبة بادية , وقالت :
    " لكننا لسنا في أميركا , شكرا لك يا كينيت , سأحب سوارك هذا على الدوام".
    " أود أن يكون شعورك هذا بالنسبة الي أيضا".
    وتلاقت عيناه بعينيها ورأى فيهما شوقا صارخا , وتمنى أن تنسى كل من عرفتهم ولا تذكر سواه , وأن تنسى كل شيء إلا تلك اللحظة.
    " أيفين".
    ألقت بوجهها تحت كتفه , وأخذت تذوب في أحلامها كأي فتاة تتناسى واقع حياتها وترخي العنان لأمانيها وأحلامها.
    تركا اليخت وذهبا الى الشاطىء في زورق صغير ورافقها كينيت الى القلعة , كانت بعض الأضواء مضاءة, ولكن البرج البحري كان معتما ولا يبدو إلا من أنعكاس نور النجوم عليه.
    أمسك كينيت بيدها كأنما يكره أن يتركها تدخل بيت الوصي وحدها ثم قال :
    " المكان يبدو كئيبا بعض الشيء".
    " أن الوقت ليل , أما في النهار فالجدران زاهية والباحات تجمّلها الزهور , ويبدو البرج البحري رومانسيا وهو يشق عنان السماء الزرقاء , في أستطاعة عاشقة مثل رابونزال ( حسناء ذات ضفيرة ذهبية من بطلات حكايات الأطفال) أن تتطلع من نوافذ البرج كي ترى حبيبها".
    وسألها كينيت مازحا:
    " وأنت هل تطلعت من نوافذ برج دون جوان؟".
    " أنه يشتغل في غرفة مكتبه هناك ويحب عزلته , وأنا لا أتطفل عليه إلا إذا دعاني".
    " ولكنك كنت معه في برجه! ".
    " مرة أو مرتين , أنه مكان منير يطل على مناظر خلابة للجزيرة".
    " أنه يتربع في برجه كالأسد في عرينه , أليس كذلك؟".













    رد مع اقتباس  

صفحة 5 من 6 الأولىالأولى ... 3456 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رواية مجزرة الحولة من الطفل المذبوح رقم خمسين رواية 2013
    بواسطة иooḟ Ăł.кααьỉ في المنتدى خواطر - نثر - عذب الكلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Dec-2012, 02:08 AM
  2. تناديني وأجي ملهوف sms
    بواسطة لؤلؤة البحر في المنتدى مسجات و رسائل وسائط SMS & MMS
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-Mar-2011, 12:27 AM
  3. أنشودة تناديني
    بواسطة الريحــــانة في المنتدى تحميل و استماع اناشيد و صوتيات الاسلامية
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 10-Mar-2009, 12:07 PM
المفضلات
المفضلات
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •